فصل: تفسير الآيات (1- 4):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير (نسخة منقحة)



.سورة قريش:

ويقال سورة لإيلاف.
وهي أربع آيات.
وهي مكية عند الجمهور.
وقال الضحاك والكلبي: هي مدنية.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: نزلت سورة {لإيلاف} بمكة.
وأخرج البخاري في تاريخه والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي عن أم هانئ بنت أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «فضل الله قريشا بسبع خصال لم يعطها أحدا قبلهم ولا يعطيها أحدا بعدهم: أني فيهم- وفي لفظ: النبوة فيهم- والخلافة فيهم، والحجابة فيهم، والسقاية فيهم، ونصروا على الفيل، وعبدوا الله سبع سنين- وفي لفظ: عشر سنين- لم يعبده أحد غيرهم، ونزلت فيهم سورة من القرآن لم يذكر فيها أحد غيرهم {لإيلاف قريش}».
قال ابن كثير: هو حديث غريب، ويشهد له ما أخرج الطبراني في الأوسط وابن مردويه وابن عساكر عن الزبير بن العوام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فضل الله قريشا بسبع خصال: فضلهم بأنهم عبدوا الله عشر سنين لا يعبده إلا قريش، وفضلهم بأنه نصرهم يوم الفيل وهم مشركون، وفضلهم بأنها نزلت فيهم سورة من القرآن لم يدخل فيها أحد من العالمين غيرهم وهي {لإيلاف قريش}، وفضلهم بأن فيهم النبوة والخلافة والسقاية».
وأخرج الخطيب في تاريخه عن سعيد بن المسيب مرفوعا نحوه، وهو مرسل.

.تفسير الآيات (1- 4):

{لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (2) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4)}
اللام في قوله: {لإيلاف} قيل: هي متعلقة بآخر السورة التي قبلها. كأنه قال سبحانه: أهلكت أصحاب الفيل لأجل تألف قريش. قال الفرّاء: هذه السورة متصلة بالسورة الأولى؛ لأنه ذكر سبحانه أهل مكة بعظيم نعمته عليهم فيما فعل بالحبشة. ثم قال: {لإيلاف قُرَيْشٍ} أي: فعلنا ذلك بأصحاب الفيل نعمة منا على قريش، وذلك أن قريشاً كانت تخرج في تجارتها، فلا يغار عليها في الجاهلية، يقولون: هم أهل بيت الله عزّ وجلّ، حتى جاء صاحب الفيل ليهدم الكعبة، ويأخذ حجارتها فيبني بها بيتاً في اليمن يحجّ الناس إليه، فأهلكهم الله عزّ وجلّ، فذكرهم نعمته، أي: فعل ذلك لإيلاف قريش، أي: ليألفوا الخروج ولا يجترأ عليهم، وذكر نحو هذا ابن قتيبة. قال الزجاج: والمعنى: فجعلهم كعصف مأكول {لإيلاف قُرَيْشٍ} أي: أهلك الله أصحاب الفيل لتبقى قريش، وما قد ألفوا من رحلة الشتاء والصيف.
وقال في الكشاف: إن اللام متعلق بقوله: {فَلْيَعْبُدُواْ}. أمرهم أن يعبدوه لأجل إيلافهم الرحلتين، ودخلت الفاء لما في الكلام من معنى الشرط؛ لأن المعنى: أما لا، فليعبدوه.
وقد تقدّم صاحب الكشاف إلى هذا القول الخليل بن أحمد، والمعنى: إن لم يعبدوه لسائر نعمه، فليعبدوه لهذه النعمة الجليلة.
وقال الكسائي والأخفش: اللام لام التعجب، أي اعجبوا لإيلاف قريش. وقيل: هي بمعنى إلى. قرأ الجمهور: {لإئلاف} بالياء مهموزاً من ألفت أؤلف إئلافاً. يقال: ألفت الشيء ألافاً وألفاً. وألفته إيلافاً بمعنى، ومنه قول الشاعر:
المنعمين إذا النجوم تغيرت ** والظاعنين لرحلة الإيلاف

وقرأ ابن عامر: {لإلاف} بدون الياء. وقرأ أبو جعفر: {لإلف}.
وقد جمع بين هاتين القراءتين الشاعر، فقال:
زعمتم أن إخوتكم قريش ** لهم إلف وليس لكم إلاّف

وقرأ عكرمة: {ليألف قريش} بفتح اللام على أنها لام الأمر، وكذلك هو: في مصحف ابن مسعود، وفتح لام الأمر لغة معروفة. وقرأ بعض أهل مكة: {إلاّف قريش} واستشهد بقول أبي طالب:
تذود الورى من عصبة هاشمية ** إلاّفهم في الناس خير إلاّف

وقريش هم: بنو النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر، فكل من كان من ولد النضر فهو قرشي، ومن لم يلده النضر فليس بقرشي، وقريش يأتي منصرفاً إن أريد به الحيّ، وغير منصرف إن أريد به القبيلة ومنه قول الشاعر:
وكفى قريش المعضلات وسادها

وقيل إنّ قريشاً بنو فهر بن مالك بن النضر. والأوّل أصح. وقوله: {إيلافهم} بدل من إيلاف قريش. و{رِحْلَةَ} مفعول به لإيلافهم وأفردها، ولم يقل رحلتي الشتاء والصيف لأمن الإلباس. وقيل: إن إيلافهم تأكيد للأوّل لا بدل، والأوّل أولى. ورجحه أبو البقاء.
وقيل: إن رحلة منصوبة بمصدر مقدّر، أي: ارتحالهم رحلة {الشتاء والصيف} وقيل: هي منصوبة على الظرفية والرحلة: الارتحال، وكانت إحدى الرحلتين إلى اليمن في الشتاء؛ لأنها بلاد حارّة، والرحلة الأخرى إلى الشام في الصيف؛ لأنها بلاد باردة.
وروي أنهم كانوا يشتون بمكة، ويصيفون بالطائف، والأوّل أولى، فإن ارتحال قريش للتجارة معلوم معروف في الجاهلية والإسلام. قال ابن قتيبة: إنما كانت تعيش قريش بالتجارة، وكانت لهم رحلتان في كل سنة: رحلة في الشتاء إلى اليمن، ورحلة في الصيف إلى الشام، ولولا هاتان الرحلتان لم يمكن بها مقام، ولولا الأمن بجوارهم البيت لم يقدروا على التصرّف. {فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هذا البيت} أمرهم سبحانه بعبادته بعد أن ذكر لهم ما أنعم به عليهم أي: إن لم يعبدوه لسائر نعمه، فليعبدوه لهذه النعمة الخاصة المذكورة، والبيت الكعبة. وعرّفهم سبحانه بأنه ربّ هذا البيت؛ لأنها كانت لهم أوثان يعبدونها، فميز نفسه عنها. وقيل: لأنهم بالبيت تشرفوا على سائر العرب، فذكر لهم ذلك تذكيراً لنعمته. {الذى أَطْعَمَهُم مّن جُوعٍ} أي: أطعمهم بسبب تينك الرحلتين من جوع شديد كانوا فيه قبلهما. وقيل: إن هذا الإطعام هو أنهم لما كذبوا النبيّ صلى الله عليه وسلم دعا عليهم، فقال: اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف، فاشتد القحط، فقالوا: يا محمد ادع الله لنا فإنا مؤمنون، فدعا، فأخصبوا وزال عنهم الجوع، وارتفع القحط. {وآمنهم من خوف} أي: من خوف شديد كانوا فيه. قال ابن زيد: كانت العرب يغير بعضها على بعض ويسبي بعضها بعضاً، فأمنت قريش من ذلك لمكان الحرم.
وقال الضحاك، والربيع، وشريك، وسفيان: آمنهم من خوف الحبشة مع الفيل.
وقد أخرج أحمد، وابن أبي حاتم عن أسماء بنت يزيد قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «{لإيلاف قُرَيْشٍ * إيلافهم رِحْلَةَ الشتاء والصيف} ويحكم يا قريش، اعبدوا ربّ هذا البيت الذي أطعمكم من جوع، وآمنكم من خوف».
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله: {لإيلاف قُرَيْشٍ} قال: نعمتي على قريش. {إيلافهم رِحْلَةَ الشتاء والصيف} كانوا يشتون بمكة، ويصيفون بالطائف. {فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هذا البيت} قال: الكعبة. {الذى أَطْعَمَهُم مّن جُوعٍ وَءامَنَهُم مّنْ خوْفٍ} قال: الجذام.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه: {لإيلاف قُرَيْشٍ * إيلافهم} قال: لزومهم. {الذى أَطْعَمَهُم مّن جُوعٍ} يعني قريشاً أهل مكة بدعوة إبراهيم حيث قال: {وارزق أَهْلَهُ مِنَ الثمرات} [البقرة: 126] {وآمنهم من خوف} حيث قال إبراهيم {رَبّ اجعل هذا البلد امِنًا} [البقرة: 35] وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عنه أيضاً في قوله: {لإيلاف قُرَيْشٍ} الآية، قال: نهاهم عن الرحلة، وأمرهم أن يعبدوا ربّ هذا البيت، وكفاهم المؤنة، وكانت رحلتهم في الشتاء والصيف، ولم يكن لهم راحة في شتاء ولا صيف، فأطعمهم الله بعد ذلك من جوع، وآمنهم من خوف، فألفوا الرحلة، وكان ذلك من نعمة الله عليهم.
وأخرج ابن جرير عنه أيضاً في الآية قال: أمروا أن يألفوا عبادة ربّ هذا البيت كإلفهم رحلة الشتاء والصيف، وقد وردت أحاديث في فضل قريش، وإن الناس تبع لهم في الخير والشرّ، وإن هذا الأمر يعني الخلافة لا يزال فيهم ما بقي منهم اثنان، وهي في دواوين الإسلام.

.سورة الماعون:

ويقال سورة الدين.
ويقال سورة الماعون.
ويقال سورة اليتيم.
وهي سبع آيات.
وهي مكية في قول عطاء وجابر وأحد قولي ابن عباس.
ومدينة في قوله قتادة وآخرين.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: نزلت: {أرأيت الذي يكذب بالدين} بمكة.
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله.

.تفسير الآيات (1- 7):

{أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1) فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2) وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (3) فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (6) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (7)}
الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم أو لكل من يصلح له. والاستفهام لقصد التعجيب من حال من يكذب بالدين. والرؤية: بمعنى المعرفة، والدين: الجزاء والحساب في الآخرة. قيل: وفي الكلام حذف، والمعنى: أرأيت الذي يكذب بالدين أمصيب هو أم مخطئ. قال مقاتل، والكلبي: نزلت في العاص بن وائل السهمي.
وقال السديّ: في الوليد بن المغيرة.
وقال الضحاك: في عمرو بن عائذ.
وقال ابن جريج في أبي سفيان. وقيل: في رجل من المنافقين. قرأ الجمهور: {أرأيت} بإثبات الهمزة الثانية. وقرأ الكسائي بإسقاطها. قال الزجاج: لا يقال في {رأيت}: ريت، ولكن ألف الاستفهام سهلت الهمزة ألفاً. وقيل الرؤية: هي البصرية، فيتعدّى إلى مفعول واحد، وهو الموصول، أي: أبصرت المكذب. وقيل: إنها بمعنى أخبرني، فيتعدى إلى اثنين. الثاني محذوف، أي من هو؟ {فَذَلِكَ الذي يَدُعُّ اليتيم} الفاء جواب شرط مقدّر، أي إن تأملته أو طلبته، فذلك الذي يدعّ اليتيم، ويجوز أن تكون عاطفة على الذي يكذب: إما عطف ذات على ذات، أو صفة على صفة. فعلى الأوّل يكون اسم الإشارة مبتدأ، وخبره الموصول بعده، أو خبر لمبتدأ محذوف، أي: فهو ذلك، والموصول صفته. وعلى الثاني يكون في محل نصب لعطفه على الموصول الذي هو في محل نصب. ومعنى {يدعّ}: يدفع دفعاً بعنف، وجفوة، أي: يدفع اليتيم عن حقه دفعاً شديداً، ومنه قوله سبحانه: {يَوْمَ يُدَعُّونَ إلى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا} [الطور: 13] وقد قدّمنا أنهم كانوا لا يورّثون النساء والصبيان {وَلاَ يَحُضُّ على طَعَامِ المسكين} أي: لا يحضّ نفسه، ولا أهله، ولا غيرهم على ذلك بخلاً بالمال، أو تكذيباً بالجزاء، وهو مثل قوله في سورة الحاقة: {وَلاَ يَحُضُّ على طَعَامِ المسكين} [الحاقة: 34].
{فَوَيْلٌ} يومئذ {لّلْمُصَلّينَ} الفاء جواب لشرط محذوف كأنه قيل: إذا كان ما ذكر من عدم المبالاة باليتيم والمسكين، فويل للمصلين {الذين هُمْ عَن صلاتهم سَاهُونَ} أي: عذاب لهم، أو هلاك، أو واد في جهنم لهم، كما سبق الخلاف في معنى الويل، ومعنى ساهون: غافلون غير مبالين بها، ويجوز أن تكون الفاء؛ لترتيب الدعاء عليهم بالويل على ما ذكر من قبائحهم، ووضع المصلين موضع ضميرهم للتوصل بذلك إلى بيان أن لهم قبائح أخر غير ما ذكر. قال الواحدي: نزلت في المنافقين الذين لا يرجون بصلاتهم ثواباً إن صلوا، ولا يخافون عليها عقاباً إن تركوا، فهم عنها غافلون حتى يذهب وقتها، وإذا كانوا مع المؤمنين صلوا رياء، وإذا لم يكونوا معهم لم يصلوا، وهو معنى قوله: {الذين هُمْ يُرَاءونَ} أي: يراءون الناس بصلاتهم إن صلوا، أو يراءون الناس بكل ما عملوه من أعمال البرّ؛ ليثنوا عليهم.
قال النخعي: {الذين هُمْ عَن صلاتهم سَاهُونَ} هو الذي إذا سجد قال برأسه هكذا، وهكذا ملتفتاً.
وقال قطرب: هو الذي لا يقرأ ولا يذكر الله. وقرأ ابن مسعود الذين هم عن صلاتهم لاهون. {وَيَمْنَعُونَ الماعون}. قال أكثر المفسرين: {الماعون}: اسم لما يتعاوزه الناس بينهم: من الدلو، والفأس، والقدر. وما لا يمنع كالماء، والملح. وقيل هو الزكاة، أي: يمنعون زكاة أموالهم.
وقال الزجاج، وأبو عبيد، والمبرّد: الماعون في الجاهلية كل ما فيه منفعة حتى الفأس، والدلو، والقدر، والقداحة وكل ما فيه منفعة من قليل وكثير، وأنشدوا قول الأعشى:
بأجود منه بماعونه ** إذا ما سماؤهم لم تغم

قال الزجاج، وأبو عبيد، والمبرّد أيضاً: والماعون في الإسلام: الطاعة والزكاة، وأنشدوا قول الراعي:
أخليفة الرحمن إنا معشر ** حنفاء نسجد بكرة وأصيلا

عرب نرى لله من أموالنا ** حقّ الزكاة منزلا تنزيلا

قوم على الإسلام لما يمنعوا ** ماعونهم ويضيعوا التهليلا

وقيل: {الماعون} الماء. قال الفراء: سمعت بعض العرب يقول: الماعون الماء، وأنشدني:
تمجّ صبيرة الماعون صبا

والصبيرة: السحاب. وقيل: الماعون: هو الحق على العبد على العموم. وقيل: هو المستغلّ من منافع الأموال، مأخوذ من المعن، وهو القليل. قال قطرب: أصل الماعون من القلة، والمعن: الشيء القليل، فسمى الله الصدقة والزكاة، ونحو ذلك من المعروف ماعوناً؛ لأنه قليل من كثير. وقيل: هو ما لا يبخل به كالماء، والملح، والنار.
وقد أخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس {أَرَءيْتَ الذي يُكَذّبُ بالدين} قال: يكذب بحكم الله. {فَذَلِكَ الذي يَدُعُّ اليتيم} قال: يدفعه عن حقه.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في الشعب عنه {فَوَيْلٌ لّلْمُصَلّينَ الذين هُمْ عَن صلاتهم سَاهُونَ} قال: هم المنافقون يراءون الناس بصلاتهم إذا حضروا، ويتركونها إذا غابوا، ويمنعونهم العارية بغضاً لهم، وهي الماعون.
وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عنه أيضاً: {الذين هُمْ عَن صلاتهم سَاهُونَ} قال: هم: المنافقون يتركون الصلاة في السرّ، ويصلون في العلانية.
وأخرج الفريابي، وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وأبو يعلى، وابن جرير، وابن المنذر، وابن مردويه، والبيهقي في سننه عن مصعب بن سعد قال: قلت لأبيّ: أرأيت قول الله: {الذين هُمْ عَن صلاتهم سَاهُونَ} أينا لا يسهو؟ أينا لا يحدّث نفسه؟ قال: إنه ليس ذلك، إنه إضاعة الوقت.
وأخرج أبو يعلى، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني في الأوسط، وابن مردويه، والبيهقي في سننه عن سعد بن أبي وقاص قال: سألت النبيّ صلى الله عليه وسلم عن قوله: {الذين هُمْ عَن صلاتهم سَاهُونَ} قال: «هم الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها».
قال الحاكم، والبيهقي: الموقوف أصح. قال ابن كثير: وهذا يعني الموقوف أصح إسناداً. قال: وقد ضعف البيهقي رفعه وصحّح وقفه، وكذلك الحاكم.
وأخرج ابن جرير، وابن مردويه قال السيوطي بسند ضعيف عن أبي برزة الأسلمي قال: لما نزلت هذه الآية: {الذين هُمْ عَن صلاتهم سَاهُونَ} قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الله أكبر، هذه الآية خير لكم من أن يعطى كلّ رجل منكم جميع الدنيا، هو الذي إن صلى لم يرج خير صلاته، وإن تركها لم يخف ربه» وفي إسناده جابر الجعفي، وهو ضعيف، وشيخه مبهم لم يسمّ.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية قال: هم الذين يؤخرونها عن وقتها.
وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وأبو داود، والنسائي، والبزار، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني في الأوسط، وابن مردويه، والبيهقي في سننه من طرق عن ابن مسعود قال: كنا نعدّ الماعون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم عارية الدلو، والقدر، والفأس، والميزان، وما تتعاطون بينكم.
وأخرج ابن مردويه عنه قال: كان المسلمون يستعيرون من المنافقين القدر، والفأس، وشبهه، فيمنعونهم، فأنزل الله: {وَيَمْنَعُونَ الماعون}.
وأخرج أبو نعيم، والديلمي، وابن عساكر عن أبي هريرة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم في الآية قال: «ما تعاون الناس بينهم الفأس، والقدر، والدلو، وأشباهه».
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عن قرّة بن دعموص النميري: أنهم وفدوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا رسول الله ما تعهد إلينا؟ قال: «لا تمنعوا الماعون» قالوا: وما الماعون؟ قال: «في الحجر، والحديدة، وفي الماء» قالوا: فأيّ الحديدة؟ قال: «قدوركم النحاس، وحديد الفأس الذي تمتهنون به» قالوا: وما الحجر؟ قال: «قدوركم الحجارة» قال ابن كثير: غريب جداً، ورفعه منكر، وفي إسناده من لا يعرف.
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير عن سعيد بن عياض عن أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم: {الماعون}: الفأس، والقدر، والدلو.
وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، والطبراني، والحاكم وصححه، والبيهقي، والضياء في المختارة من طرق عن ابن عباس في الآية قال: عارية متاع البيت.
وأخرج الفريابي، وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم، والبيهقي في سننه عن عليّ بن أبي طالب قال: الماعون الزكاة المفروضة {يُرَاءونَ} بصلاتهم {وَيَمْنَعُونَ} زكاتهم.